تحسين فن الإلقاء الصوتي في تلاوة القرآن

تحسين فن الإلقاء الصوتي في تلاوة القرآن

تعتبر تحسين فن الإلقاء الصوتي في تلاوة القرآن هدفًا يسعى إليه المسلمون المتدينون. غالبًا ما يبقى المسار الصحيح لتحقيق هذا الهدف غامضًا. بلا شك، تعتبر تلاوة القرآن عبادة يتقرب بها العبد إلى خالقه. سيكون القرآن، في يوم القيامة، شفيعًا لمن يتلوه. علاوةً على ذلك، يرتقي بمكانة الفرد ويؤدي إلى أعظم الأجور والبركات الوفيرة. كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها. لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف” (صحيح – رواه الترمذي).

وليستند هذا المقال إلى كيفية تحسين فن الإلقاء الصوتي في تلاوة القرآن الكريم، مع التطرق إلى الطريقة التي قرأ بها النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، وسيتم ختامه بتوضيح حكم تحسين الإلقاء الصوتي وتأدية آيات الذكر الحكيم.

كيفية تحسين الإلقاء الصوتي في تلاوة القرآن؟

من بين المسائل التي تشغل تفكير المسلمين هي كيفية تحسين نبرة الصوت، وقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: “زينوا القرآن بأصواتكم” (صحيح – رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد). لذا، فإن الإلقاء الصوتي الجميل في القرآن يعتبر من السنن النبوية التي شجع عليها النبي لأصحابه وتابعيه. ولتحسين الإلقاء الصوتي يجب عليك الانتباه إلى ما يلي:

 تجريب أكثر من نبرة صوتية عند تلاوة القرآن الكريم، باستخدام مختلف الطرق والسرعات والأساليب، وتكرار التدريب لفترة زمنية معينة. قم بتسجيل الصوت واستمع إليه بشكل موضوعي لتقديم تقييم دقيق

 استعن بأفراد عائلتك وأصدقائك وقم بالتلاوة أمام الآخرين بشكل عام. إذا لم تتمكن من تقدير جودة صوتك وتلاوتك بشكل موضوعي، فاستعن بمن يقف بجوارك لتقديم تقييم حول جودة صوتك وتلاوتك ومخارج الحروف وأساليب القراءة

 ابحث عن شيخ مقرئ، ويفضل أن يكون صوته متقاربًا من صوتك، ويسهل تقليده. قم بالاستماع إلى تلاوته عدة مرات

استمع إلى التسجيلات الصوتية والأشرطة القرآنية بشكل يومي. حاول محاكاة المقرئ وتقليد طريقته في التلاوة. بعد ذلك، قم بتقليده دون الاستماع إلى التسجيلات الصوتية الأصلية، وقارن كل قراءة بين الحين والآخر

 اطلع على تمارين النفس وقم بتطبيقها. لا تتوقف عن التلاوة إلا عند علامات الوقف. يتطلب ذلك تدريبًا دائمًا للتحسين في تلاوة القرآن

 تعلم قواعد وأحكام التجويد. ترتيل القرآن وتلاوته الجميلة تأتي كنتيجة لا تُحقق إلا إذا اعتمدت على معرفة عميقة بقواعد التجويد

اقرآ ايضا عن آدب تلاوة القرآن

 

حُكم تحسين الإلقاء الصوتي في تلاوة القرآن

أولى رسول الله صلى الله عليه وسلم اهتمامًا كبيرًا بتحسين الإلقاء الصوتي في تلاوة القرآن نظرًا لتأثيره الإيجابي على القلوب والآذان. وقد ورد في الحديث الصحيح: “ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن”. ولقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري وهو يقرأ، واعجبه صوته. عندما رآه في النهار، أخبره النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: “لو علمت أنك تسمع، لحبرته تحبيرًا” (صحيح – رواه أنس بن مالك). كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عندما سمع صوته: “لقد أوتي هذا مزمارًا من مزامير آل داود”، أي صوتًا جميلًا.

كما أوضحنا سابقًا، يتضح لنا من خلال ذلك أهمية تحسين الإلقاء الصوتي عند تلاوة القرآن الكريم. فقد نقل الإمام النووي إجماع العلماء من السلف والخلف، ومن الصحابة والتابعين على أن تحسين الإلقاء الصوتي مستحب، وسيء أجر صاحبه عليه، ويحقق منزلة عظيمة في الدنيا والآخرة.

تعريف التغني بالقرآن

لا يعني التغني بالقرآن أن يُقرأ القرآن كما يُغنى في الموسيقى وما شابه ذلك. بل يعني التغني بالقرآن تحسين الإلقاء الصوتي عند تلاوة القرآن. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ليس منا من لم يتغن بالقرآن” (صحيح – رواه سعد بن أبي وقاص). في اللغة، يعني التغني استغناء الشخص عن الأمور الأخرى أو اكتفائه بها. وفي سياق العلماء، يشير التغني إلى التحسين أو التخزين أو الإلقاء الصوتي للقرآن. ويعني التغني أيضًا التخشع والتأمل والتأثر أثناء التدبر والتلاوة.

كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن الكريم؟

كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن وهو قائمًا وجالسًا ومستلقيًا وبعد أن يكون في حالة طهارة. ولم يكن هناك شيء يمنعه من القراءة إلا في حالة الجنابة. كان يتغنى بالقرآن ويتلاوه بترتيل، دون التسرع أو البطء.

قال ابن القيم في كتابه “زاد المعاد في هدي خير العباد”: “كان له صلى الله عليه وسلم حزب يقرأه، ولا يخل به. وكانت قراءته ترتيلاً حرفًا حرفًا، وكان يُقطِّع قراءته آية آية، وكان يمد عند حروف المد، فيمد (الرحمن) ويمد (الرحيم). وكان يستعين بالله من الشيطان الرجيم في أول قراءته، فيقول: ‘أعوذ بالله من الشيطان الرجيم’. وربما كان يقول: ‘اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه’.

فضل قراءة القرآن

أحد السُبل السامية التي يمكن للعبد من خلالها التقرب إلى ربه هو من خلال تلاوة القرآن الكريم. أمر الله تعالى نبيه -صلى الله عليه وسلم- بتلاوة آيات الذكر الحكيم، قائلاً: “وَرْتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا” وقال أيضًا: “إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ”. سورة فاطر – الآية 29

اقرا ايضا عن فضل حفظ القرآن 

لذلك، يكمن فضل قراءة القرآن وتلاوته وحفظه في الأمور العظيمة، وهذا هو توضيح لهذه الفضائل

الأجر والثواب العظيم لمن يقرأ القرآن

هناك أجر في الدنيا والآخرة. وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن قراءة كل حرف من كتاب الله تعالى تُكتب للقارئ عشر حسنات. قال عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه-: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها. لا أقول آلم حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ”. [صحيح] – [رواه الترمذي].

الشفاعة يوم القيامة

ثبت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن القرآن الكريم يشفع لصاحبه في القب يوم القيامة: “اقرؤوا القرآنَ؛ فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابِه” [صحيح] – [رواه أبو أمامة الباهلي]. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “الصِّيامُ والقرآنُ يشفعان للعبدِ يومَ القيامة”. [حسن] – [رواه عبدالله بن عمرو].

يرفع من الدرجات في الدارين

الله -عز وجل- يضاعف درجات قارئ القرآن، ويعلو منزلته في الدنيا والآخرة. وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله: “إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بهذا الكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ به آخَرِينَ”. [صحيح] – [رواه عمر بن الخطاب].

 يبعث السكينة والطمأنينة

ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن قراءة القرآن هي سبب لنزول الرحمة والسكينة في قلب القارئ. فقال أبو هريرة -رضي الله عنه-: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِّن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ”. [صحيح] – [رواه أبو هريرة].

 التفضيل

قد فضّل النبي -صلى الله عليه وسلم- قارئ القرآن على غيره، وفرق بينهم. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ : رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ : لاَ رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلُوٌّ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي يقرأ القرآنَ كَمَثَلِ الرَّيحَانَةِ : ريحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ : لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ”. [صحيح] – [رواه أبو موسى الأشعري].

 نيل مرتبة أهل الله

عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ”. قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: “هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ”. [صحيح] – [رواه أنس بن مالك].

نيل درجة القانتين

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ حَافِظَ عَلَى هُؤُلاءِ الصَّلَوَاتِ المَكْتُوبَاتِ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةِ مَائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ”. [صحيح على شرط الشيخين] – [رواه أبو هريرة].

بعد هذا السرد التفصيلي، يظهر أن تحسين فن الإلقاء الصوتي في تلاوة القرآن هو مسألة تشغل أذهان الكثيرين منا. يحاول بعض الأشخاص بكل الوسائل تحسين صوتهم لكي يجعلوا تلاوتهم للآيات أكثر إبهارًا وإثارة. إن كنت مهتمًا بتطوير مهاراتك في تلاوة القرآن وتعلم قواعد التجويد واللغة العربية والنطق الصحيح، فإن الخيار الأمثل لك هو الانضمام إلى أكاديمية تحفيظ لتعليم تلاوة القرآن. هذه الأكاديمية تتخصص في تعليم القرآن الكريم وأحكام التجويد وقواعد اللغة العربية، وستجد فيها دعمًا متميزًا يساعدك في رحلتك لتحسين تلاوتك وتلاوة القرآن بأتقان. باستمرار تواصلك مع الأكاديمية، ستبدأ رحلتك في تعلم جميع القواعد والأحكام التي تمكنك من التقدم في هذا الطريق وتحقيق التقدم والتميز في هذا الميدان حتى نهايته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الرئيسية
من نحن
الخدمات
الباقات
المقالات
التواصل